الدوحة في 29 ديسمبر /قنا/ سجل الاقتصاد القطري على الرغم من تداعيات أزمة كورونا / كوفيد -19/ التي واصلت تهديدها لاقتصاديات العالم خلال العام 2021، أداء إيجابيا لافتا على مختلف المستويات، وذلك بفضل السياسات الرشيدة والنهج الاقتصادي المرن في إدارة الأزمة، والخطط الاستشرافية التي عززت قدرة دولة قطر على سرعة التعافي والتأقلم مع المتغيرات، وضمان استمرارية الأعمال واستكمال المشاريع الحيوية في قطاع البنية التحتية، وغيرها من القطاعات.
ولم يكن غريبا أن تحتل دولة قطر المرتبة الأولى خليجيا في مؤشر التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا/ كوفيد-19/ ، حاصدة أربع نقاط، وفقا للمؤشر الذي أعدته مجلة /ميد/ الاقتصادية العالمية ونشر في أغسطس الماضي، حيث أكد المؤشر أن الدوحة هي صاحبة أعلى درجة في مؤشر التعافي الاقتصادي من تداعيات الجائحة ، فاعتماد إيراداتها بشكل أساسي على الغاز الطبيعي وليس النفط، جعل وضعها المالي أكثر قوة.
وقد انعكس هذا الأداء الاقتصادي والمالي، في تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني، حيث حافظت الدولة على ترتيبها المرتفع في التصنيفات الائتمانية وعلى النظرة المستقبلية المستقرة لاقتصادها، بالاستناد إلى مكانتها المالية، التي وفرت لها حماية من المخاطر المحتملة، فضلا عن التطوير المستمر لقطاع الطاقة.
كما توقع البنك الدولي في أحدث تقاريره بأن ينمو الاقتصاد القطري بنسبة 3 بالمئة في العام 2021، وأن تتسارع وتيرته بنحو 4.1 بالمئة في العام 2022 و4.5 بالمئة في العام 2023، بعد أن استوعب الصدمات الناجمة عن الوباء وعاد مرة أخرى إلى مسار النمو.
وتشير الأرقام الفصلية، إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للدولة حقق نموا لافتا في الربع الثاني من العام 2021 وبنسبة 5.4 بالمئة، / 156.3 / مليار ريال مقارنة ب /148.3/ مليار ريال في الربع الأول . وقد شكلت مساهمة قطاع النفط والغاز ما نسبته 36.8 بالمئة، بنمو 11 بالمئة، بينما شكل إجمالي القطاعات غير النفطية ما نسبته 63.2 بالمئة بنسبة نمو 2.4 بالمئة.
وشهد القطاع الصناعي الذي يعد أحد المحركات الرئيسية للتنمية، نموا لافتا بعد أن ارتفعت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 7.3 بالمئة عام 2020 إلى 8.7 بالمئة في النصف الأول من العام 2021، ليحتل المركز الرابع كأعلى الأنشطة مساهمة في اقتصاد البلاد خلال العام الجاري، ما يعكس نجاعة الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الدولة والتي دعمت نمو مختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية في ضوء الخطوات الثابتة نحو تحقيق التنويع الاقتصادي وفق محددات استراتيجية التنمية الوطنية واستراتيجية قطر الوطنية للصناعة التحويلية 2018 / 2022.
وفي مؤشر آخر يعكس الحركة الإيجابية للاقتصاد، حقق الميزان التجاري لدولة قطر (الفرق بين إجمالي الصادرات والواردات) خلال الربع الثالث لعام 2021 ، فائضا مقداره 57.8 مليار ريال مقارنة بالربع الثالث من عام 2020 حيث وصل إلى 19.6 مليار ريال.
وبلغ إجمالي قيمة الصادرات القطرية (بما في ذلك الصادرات من السلع المحلية وإعادة التصدير) خلال الفترة المذكورة ما قيمته 82.6 مليار ريال، بارتفاع قدره 41.5 مليار ريال أي ما نسبته 101.0 بالمئة قياسا بالفترة المماثلة من العام الماضي والذي سجل إجمالي صادرات بلغت 41.1 مليار ريال، وبارتفاع 11.7 مليار ريال أي بنسبة 16.5 بالمئة مقارنة بالربع الثاني من العام الجاري.
وبلغت قيمة الواردات القطرية خلال الفترة المذكورة ما قيمته 24.8 مليار ريال بارتفاع قدره 3.3 مليار ريال قطري 15.3 بالمئة مقارنة بالربع الثالث من عام 2020 الذي بلغ 21.5 مليار ريال، وبانخفاض طفيف عن الربع الثاني من هذا العام.
وفي مؤشر على مدى التعافي المستمر لقطاعي التصنيع والخدمات والإنشاءات خلال العام 2021، أظهرت أحدث بيانات مؤشر مديري المشتريات التابع لمركز قطر للمال، تحسنا قياسيا في النشاط التجاري لشركات القطاع الخاص غير المرتبط بالطاقة في أكتوبر 2021 ، ليسجل ارتفاعا للشهر الخامس على التوالي، وبنحو 62.2 نقطة، من 60.6 نقطة في سبتمبر من العام ذاته، وهو مؤشر يستند على خمس ركائز أساسية مثل الطلبات الجديدة، والإنتاج، والتوظيف، ومواعيد تسليم الموردين، والمخزون من المشتريات.
ويشير الارتفاع القياسي في معدل نمو النشاط التجاري الكلي إلى تسجيل معدلات نمو قوية في جميع القطاعات الرئيسية الأربعة، وهي الخدمات، والبيع بالتجزئة والجملة، والصناعات التحويلية والإنشاءات.
وفي سياق متصل، أظهر تقرير لغرفة قطر أن قيمة صادرات القطاع الخاص، حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، بلغت نحو 20.9 مليار ريال، مقابل 11.1 مليار ريال للفترة ذاتها من العام الماضي، محققة ارتفاعا قياسيا بنسبة تزيد عن 88 بالمئة. وسجلت الصادرات في سبتمبر الماضي ارتفاعا قياسيا بلغ حوالي 4.98 مليار ريال، بنسبة زيادة وصلت إلى أكثر من 350 بالمئة على أساس سنوي مقارنة مع الشهر المماثل من العام 2020 حين سجلت حوالي 1.09 مليار ريال، كما ارتفعت بنسبة 164 بالمئة على أساس شهري مقارنة مع أغسطس الماضي، الذي بلغت فيه قيمة الصادرات 1.89 مليار ريال. وارتفع مستوى الصادرات خلال سبتمبر 2021، بنسبة كبيرة عن أعلى مستوى حققته الصادرات عند بداية فرض تدابير مكافحة جائحة /كوفيد-19/ والذي كان في فبراير 2020.
ووفقا للبيانات، فقد ارتفع مستوى الصادرات، عن قيمته البالغة آنذاك حوالي 1.95 مليار ريال، بنسبة 155 بالمئة، كما ارتفع، وبنسبة كبيرة بلغت أكثر من 771 بالمئة، عن أدنى مستوى وصلت إليه الصادرات وكان ذلك في إبريل من العام 2020 والذي شهد تطبيق تدابير مكافحة الجائحة، حيث بلغت حينها حوالي (572) مليون ريال فقط.
وعززت دولة قطر في العام 2021 ريادتها في أسواق الطاقة الدولية، ورسخت أركانها كأحد أهم الموردين للطاقة النظيفة في العالم، وفي هذا السياق أعلنت قطر للبترول تغيير اسمها إلى قطر للطاقة، بما يعكس التحولات الكبيرة في صناعة الطاقة محليا، وبما يواكب التوجهات العالمية.
ووقعت الشركة اتفاقات لبناء أكثر من مئة ناقلة جديدة للغاز حتى العام 2027، بالتوازي مع عقد للمرحلة الأولى من مشروعها لتوسعة حقل الشمال التي سترفع إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي المسال إلى 110 ملايين طن سنويا بحلول 2025، وفي ضوء المساعي لرفع إنتاجها من الغاز المسال ليصل إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027.
كما وقعت قطر للطاقة خلال العام الجاري، العديد من الاتفاقيات للقيام بعمليات الاستكشاف البحري قبالة السواحل المصرية والكندية والقبرصية والناميبية وفي منطقتين بحريتين بجمهورية سورينام، ووقعت عددا من الاتفاقيات لتزويد عدد من الدول بالغاز القطري منها الصين وباكستان وبنغلاديش.
وتستقبل دولة قطر العام 2022 بموازنة بإجمالي مصروفات يبلغ 204.3 مليار ريال ، فيما بلغت التقديرات الإجمالية للإيرادات في موازنة (العام المالي 2022 )، 196 مليار ريال ، ما يمثل زيادة بنسبة 22.4 بالمئة مقارنة مع تقديرات موازنة 2021، في حين تقدر الموازنة الجديدة العجز بنحو 8.3 مليار ريال، وقد تم تخصيص 17.8 مليار ريال، لقطاع التعليم، أي ما نسبته 8.7% من إجمالي المصروفات، كما تم تخصيص مبلغ 20 مليار ريال لقطاع الصحة، بنسبة 9.8% من المصروفات الإجمالية.
وتشير توقعات خبراء الاقتصاد إلى أن دولة قطر قادرة على تجاوز العجز في ميزانية 2022 ، استنادا لسياستها المالية الرشيدة وقوة أدائها الاقتصادي، لاسيما وأنها نجحت خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2021 في تجاوز العجز المتوقع، وتسجيل فائض، بقيمة 4.9 مليار ريال، حيث بلغ إجمالي الإيرادات 47 مليار في الربع الثالث بنمو سنوي 20.6 بالمئة، مقابل مصروفات بلغت قيمتها 46.1 مليار ريال.
وتؤكد معطيات الموازنة العامة للدولة للعام 2022 مدى الالتزام بمواصلة النهج الاقتصادي المتزن والمتوازن والساعي نحو تعزيز التنويع الاقتصادي، من خلال تفعيل مختلف المعطيات في البنية الاقتصادية، مع الاستجابة للاستحقاقات المرحلية في ضوء استكمال مشاريع كأس العالم، وكذلك المشاريع المبرمجة في مختلف القطاعات والتي ركزت عليها استراتيجية التنمية الوطنية الثانية 2018 - 2022.
وكانت البلاد قد واصلت في العام 2021 استكمال مشاريعها الرئيسية المختلفة في مجال البنية التحتية، وفق الخطط والاستراتيجيات المعدة مسبقا، وحظيت مشاريع البنية التحتية، وتطوير أراضي المواطنين، ومشاريع تطوير الخدمات العامة من صحة وتعليم بأولوية الانفاق، وقدرت التكلفة بما يزيد عن 72 مليار ريال.
ومن أهم مشاريع البنية التحتية في العام 2021 افتتاح "محور صباح الأحمد"، والذي يمثل إضافة مهمة لشبكة النقل البري في قطر، وحلقة وصل رئيسية بين جنوب البلاد وشمالها عبر مدينة الدوحة.
كما افتتحت جميع الطرق أمام الحركة المرورية، ضمن أعمال الحزمة الرابعة لمشروع تطوير الطرق والبنية التحتية بالمنطقة الصناعية بالدوحة، فضلا عن افتتاح سابع جسر على تقاطع أم لخبا (اللاندمارك) ثاني أعلى جسر في قطر بطول واحد كيلومتر ضمن أعمال مشروع محور صباح الأحمد، وغيرها من المشاريع المماثلة التي تأتي في إطار توفير بنية تحتية متكاملة وشبكة طرق متطورة ومرافق للخدمات في جميع أنحاء الدولة.
وتواصل الدولة تطوير شبكة الطرق الداخلية، وشبكة الصرف الصحي وتصريف المياه السطحية، وانتهت خلال العام الجاري من تنفيذ شبكة لتصريف المياه السطحية بطول 7.2 كيلومتر ، حيث تتصل هذه الشبكة بشبكة أخرى بطول 4.4 كيلومتر ويبلغ طول الشبكتين مجتمعتين 11.6 كيلومتر، وكذلك إنجاز 3.2 كيلومتر من خطوط مياه الصرف المعالجة.
كما تم الانتهاء من مشروع إعادة تأهيل وتطوير أربع محطات ضخ لمياه الصرف الصحي ، إضافة إلى استكمال مشروع إنشاء وتشغيل شبكة الصرف الصحي في مناطق الدوحة الداخلية (الحزمة الأولى)، وكذلك الأعمال الرئيسية لخدمة 2112 قسيمة لأراضي المواطنين، في المناطق الشمالية وشمال الناصرية وببنية تحتية متكاملة.
وفي قطاع شؤون الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، سجلت السنوات الأخيرة نموا ملحوظا في سجل المربين والرعاة وحجم القطيع وذلك بزيادة عدد الحائزين وعدد الرؤوس التي يتم تربيتها، كما تم تدشين البرنامج الوطني لنحل العسل وتدريب المزارع على تربية النحل، وتأهيل (11) روضة، بالإضافة إلى تثبيت العمل بساحات بيع الخضراوات من المنتج المحلي ( المزروعة - الخور الذخيرة - الوكرة) لمدة 7 أشهر من أول نوفمبر حتى آخر مايو من كل عام ، وتبني برامج لتسويق الخضراوات القطرية المميزة منها مهرجان الرطب المحلي والمعرض الزراعي القطري الدولي (أغريتك).
وفي مجال الثروة السمكية، أولت الدولة اهتماما بالغا بالاستزراع السمكي باعتباره أحد أهم الركائز في الاستراتيجية الوطنية للتنمية، حيث انتهت من إنشاء مركز الأبحاث المائية في رأس مطبخ، والذي يمثل النواة الأساسية لإقامة العديد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة للاستزراع السمكي حيث تم طرح مزايدة عامة للمستثمرين لإقامة مشروعات لاستزراع الأسماك بالأقفاص العائمة في البحر.
وتم إنشاء وتشغيل محطة أبحاث الإنتاج الحيواني في الشيحانية، وهي متخصصة في إجراء الدراسات والأبحاث الخاصة بتطوير تقنيات الإنتاج الحيواني وتحسين المردودية الاقتصادية للقطاع بالإضافة إلى تحسين المواصفات الوراثية وحفظها وكذلك تجهيز محطة أبحاث الغشامية كمحطة أبحاث إنتاج النباتات الرعوية، والانتهاء من التصاميم الخاصة بمركز البحوث والارشاد الزراعي بمنطقة المزروعة.
أما قطاع شؤون الخدمات العامة، فقد شهد هو الآخر إنجازات مهمة، غير مسبوقة لاسيما ما يتعلق بإنجاز وتطوير عدد من الحدائق العامة في الدولة، حيث تم افتتاح وإعادة تأهيل 51 حديقة من بين 94 حديقة تغطي مختلف مناطق الدولة، تشمل 40 حديقة في مدينة الدوحة، و20 حديقة في الريان، و 6 حدائق في الوكرة، و 7 حدائق في الخور والذخيرة،و 7 في الظعاين،و 5 في الشمال،و 6 في أم صلال، و3 حدائق في الشيحانية.
وعلى صعيد استراتيجية الأمن الغذائي، حققت الدولة العديد من الأهداف خلال العام 2021 حيث قفز حجم الإنتاج المحلي للخضراوات من حوالي (66) ألف طن، إلى حوالي (103) آلاف طن، والتي تحقق نسبة اكتفاء ذاتي بما يعادل (41 بالمئة)، علما بأن نسبة الاكتفاء الذاتي المستهدفة في 2023 هي (70بالمئة) من الخضراوات المحلية، كما ارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتي من التمور المحلية إلى (86 بالمئة) حاليا، ومن المتوقع أن تصل النسبة إلى (95 بالمئة) بحلول العام 2023.
وحافظ حجم الإنتاج من الألبان ومنتجاتها على ذات المستويات في العام 2020، حيث حققت دولة قطر كامل الاكتفاء الذاتي وذلك بنسبة فاقت 106 بالمئة بحجم إنتاج وصل إلى (230) ألف طن، إلى جانب تحقيق الاكتفاء الذاتي من استهلاك الدواجن الطازجة حيث وصل حجم الإنتاج إلى (28) ألف طن ونسبة الاكتفاء الذاتي إلى (124بالمئة).
أما بالنسبة للحوم الحمراء، فقد ارتفع حجم الإنتاج منها ليصل إلى (12.5) ألف طن، محققا نسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى (24بالمئة) مقارنة بحوالي (8) آلاف طن ونسبة اكتفاء ذاتي (16بالمئة) في العام 2018، فيما ارتفع حجم الانتاج المحلي من بيض المائدة إلى (11) ألف طن، محققا نسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى (35 بالمئة)، مقارنة بحوالي (6) آلاف طن ونسبة اكتفاء ذاتي (20 بالمئة) في العام 2018، ومن المتوقع أن تصل نسبة الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة إلى (70بالمئة) بحلول عام 2023م.
وقد حافظ حجم الانتاج من الأسماك الطازجة على المستويات ذاتها خلال عامي 2019 و2020 نظرا لتثبيت حجم المصيد المحلي للمحافظة على المخزون السمكي بدولة قطر، ومن المتوقع أن تصل نسبة الاكتفاء الذاتي من الأسماك الطازجة المحلية إلى ( 90 بالمئة) بحلول عام 2023م وذلك من خلال مساهمة مشاريع الاستزراع السمكي بالدولة في زيادة الإنتاج المحلي من الأسماك الطازجة.
وفي السياق ذاته، استطاعت الدولة وبموجب عقود مع القطاع الخاص، رفع المخزون الاحتياطي من السلع الاستراتيجية ومن أهمها القمح والأرز وزيوت الطعام والسكر واللحوم الحمراء المجمدة والحليب طويل الأجل والحليب المجفف، مما ساهم في التغلب على كافة التحديات التي فرضتها الجائحة وأثرت على سلاسل الإمداد.
وفي مجال البيئة والتغير المناخي حققت دولة قطر إنجازات لافتة على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية، بجانب وضع خطط مستقبلية لإنجاز المزيد بما يتماشى ورؤية دولة قطر الوطنية 2030 ، علما أن دولة قطر تولي اهتماما متزايدا بقضية البيئة ، حيث خصصت لها منذ نحو عشرين عاما وزارة خاصة، وتم مؤخرا استحداث وزارة البيئة والتغير المناخي، من ضمن اختصاصاتها الحد من الانبعاثات المسببة للتغير المناخي، ما يؤكد الاهتمام المستمر والدعم اللامحدود الذي توليه القيادة الرشيدة لقضية البيئة والمناخ التي تكتسب أهمية كبرى في الأجندة الدولية، لما ينطوي عليها من تأثير بالغ الخطورة على كوكب الأرض ، وغير ذلك من المتغيرات والمخاطر قريبة ومتوسطة وبعيدة التأثير والضرر.
وكان لدولة قطر مشاركة فعالة في الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP26)، في مدينة غلاسكو الإسكتلندية حيث استعرضت خلالها خططها لمكافحة التغير المناخي وأهدافها الطموحة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، علما أن دولة قطر استضافت في عام 2012 مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ /COP18/.
وفي 28 أكتوبر الماضي أطلقت دولة قطر الاستراتيجية الوطنية للبيئة والتغير المناخي، الهادفة إلى حماية البيئة القطرية وتعزيزها وضمان المرونة الاقتصادية على المدى الطويل.
وتساهم الاستراتيجية مع خطة العمل الوطنية للتغير المناخي 2030، في تحقيق التوازن بين الحاجة الملحة إلى العمل في مجال تغير المناخ وحماية البيئة، وضرورة تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة في اقتصاد يقوم أساسا على تصدير الغاز الطبيعي المسال والمنتجات ذات الصلة.
وتغطي استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي 5 مجالات هي انبعاثات الغازات الدفيئة، وجودة الهواء، والتنوع البيولوجي، والمياه والاقتصاد الدائري، وإدارة النفايات واستخدام الأراضي، مع وضع نظام حوكمة لتنفيذ الاستراتيجية، للوصول للأهداف المحددة بحلول عام 2030، ومن ذلك خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 25 بالمئة، وإنشاء 30 محطة لرصد جودة الهواء بحلول عام 2023، وزيادة عدد المحميات فيما يتعلق بالتنوع البيولوجي.
وتأتي هذه الاستراتيجية في وقت أنجزت الدولة بصفة عامة الكثير من المشاريع التي تعنى بالرصد والمختبرات البيئية، وإعداد وتنفيذ واعتماد خطط وبرامج الرصد للهواء والماء والتربة لقياس ومراقبة المعدلات ونسب الملوثات المختلفة في الطبيعة، وإنشاء وتشغيل ومتابعة شبكات ونظم الرصد المستمر لمحطات رصد جودة الهواء والضوضاء وجودة مياه البيئة البحرية والتوعية والتثقيف البيئي والإنذار المبكر.
وفي هذا الخصوص بدأت الجهات المختصة في تنفيذ خطة شاملة لرصد جودة الهواء حول الملاعب وأماكن التدريب الخاصة ببطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، بالتعاون مع اللجنة العليا للمشاريع والارث في اختيار مواقع المحطات وفق أعلى المعايير العالمية، مثل الانتهاء من تشغيل محطة رصد جودة الهواء قرب ملاعب التدريب في جامعة قطر مجهزة بأفضل التقنيات العالمية، وقد تم الانتهاء من ربطها بالشبكة الوطنية لرصد جودة الهواء في الدولة، والانتهاء من تركيب محطتي رصد جودة الهواء في استاد الجنوب الدولي في مدينة الوكرة وملعب الثمامة الدولي، وربطهما بالشبكة الوطنية لرصد جودة الهواء في الدولة.
ومن الانجازات المهمة كذلك مشروع قاعدة بيانات التنوع الحيوي بدولة قطر، ومشروع استعادة وتأهيل البر القطري، ومشروع مراقبة وحماية تجمعات السلاحف البحرية، واستراتيجية وخطة العمل الوطنية لمكافحة التصحر، واستراتيجية المحافظة على الحياة البرية في البلاد، وتنفيذ خطة وطنية لحصر كميات الزئبق، بالإضافة إلى تحديث شبكة الإنذار المبكر للرصد الإشعاعي على كل سواحل الدولة، فضلا عن شبكة حديثة سيتم العمل بها قريبا لتغطية كافة المناطق.
وعلى المستوى المحلي كذلك، نفذت دولة قطر العديد من المشاريع والمبادرات البيئية، للحد من تأثيرات تغير المناخ، من بينها على سبيل المثال، مبادرة زراعة مليون شجرة التي سجلت حتى الآن زراعة أكثر من نصف مليون شجرة، فيما سيتم زراعة العدد المتبقي قبل حلول موعد بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 .
وفي السياق ذاته، وتحقيقا لأهدافنا البيئية طويلة الأجل، وضعت دولة قطر مجموعة متكاملة من الأهداف الثابتة، أهمها تلك المتعلقة بالطاقة المتجددة لتوليد 200 ميغاواط من الطاقة الشمسية لخفض الانبعاثات ودفع الاستثمارات في اتجاه خيارات أنظف.. فيما تسعى إلى أن تحتل مراتب عليا في قطاع النقل العام واستخدام السيارات الصديقة للبيئة.
ومن الخطط الطموحة في هذا المضمار، أن تصل نسبة وسائل النقل العام الصديقة للبيئة بين 20 إلى 25 بالمئة وذلك قبل انطلاق بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، علما أن كل هذا يضاف إلى المشاريع العملاقة الأخرى في قطاع النقل العام والتي تعمل بالطاقة النظيفة، مثل مترو الدوحة، وشبكة الترام، والحافلات الموفرة للطاقة، مما سيؤدي إلى تقليل الانبعاثات الناتجة عن العمليات أثناء البطولة.
وقد شهدت شبكة النقل العام نقلة نوعية خلال السنوات الأخيرة، ولعل من أهم الأحداث التي ستشهدها الدوحة مع مطلع العام الجديد هو التشغيل التجريبي للمرحلة الأولى من ترام لوسيل، وذلك اعتبارا من يوم السبت الموافق 1 يناير 2022.
وشهد ميناء حمد إنجازات عديدة داخلية وخارجية خلال العام 2021 ، حيث تم استكمال المرحلتين الأولى والثانية من مراحل مشروع تطوير محطة الحاويات الثانية بالميناء والتي بدأ التشغيل الأولي بها في ديسمبر 2020 ، على أن يتم التشغيل الكامل للمرحلتين قبل نهاية العام 2022، كما سيتم تطوير المرحلة الثالثة والرابعة للمحطة لاحقا لزيادة القدرة الاستيعابية للميناء وفقا لمتطلبات السوق المحلي. وشهد حجم العمليات بميناء حمد زيادة بنسبة 14% حيث ارتفع الحجم من (1,136,450) في عام 2020 إلى (1,291,235) في العام 2021.
ولم تثن التحديات الكبيرة الهيئة العامة للطيران المدني عن الاستمرار في السعي لتنفيذ خططها والوصول إلى أهدافها، لتتمكن خلال العام 2021 من تحقيق عدد من الإنجازات، كان أبرزها الفوز بعضوية المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للطيران المدني والتوقيع على الاتفاقية الشاملة للنقل الجوي مع الاتحاد الأوروبي وتحديث بنود عدة اتفاقيات للخدمات الجوية والتوقيع على مذكرات واتفاقيات جديدة مع دول أخرى، مما يعزز من شبكة خطوط الناقل الوطني التي تعد أسرع شركات طيران نموا في العالم.
وتتطلع قطر مع بزوع فجر العام 2022 إلى استمرار زخم الإنجازات وتنفيذ حزم المشاريع العملاقة في مختلف القطاعات، ومواجهة التحديات المختلفة بنهج مدروس، بل وتجاوزها واستثمارها لمزيد من الإنجاز، استمرارا لتحقيق غايتها في بناء دولة متقدمة باقتصاد مستدام، وتوفير أعلى معايير الرفاهية للمواطن والمقيم على هذه الأرض، ولتؤكد للعالم أنها جديرة بالفوز بالاستحقاقات الدولية وتنفيذها بشكل يثير الدهشة ويصنع الإلهام.
/قنا/