مسؤولة بمنظمة العمل الدولية لـ/قنا/: إصلاحات العمل في قطر نموذج يحتذى به وتم تنفيذها في وقت قياسي

جنيف في 10 يونيو /قنا/ قالت سعادة الدكتورة ربا جرادات، المدير الإقليمي للدول العربية بمنظمة العمل الدولية، إن الإصلاحات التي حققتها دولة قطر في مجال سوق العمل خلال السنوات الأخيرة وجرى تنفيذها في وقت قياسي وبوتيرة سريعة "جعلتها نموذجا يحتذى به"، مؤكدة أن المنظمة تثمن وتشيد بالإصلاحات التي شهدها سوق العمل في قطر خلال السنوات الأخيرة.

وشددت جرادات، في حوار مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/ على هامش مؤتمر العمل الدولي في دورته الـ 110 المنعقد حاليا في جنيف، على التعاون الوثيق والمستمر بين دولة قطر ومنظمة العمل الدولية لتطوير جميع هذه الإصلاحات بشكل أكبر، مع التطلع إلى معالجة بعض الإشكاليات البسيطة في التطبيق، قائلة "إن الإصلاحات التي شهدتها دولة قطر في مجال سوق العمل كبيرة وتم تنفيذها في وقت قياسي".

ولفتت إلى أن مكتب منظمة العمل الدولية في قطر يعمل منذ ما يزيد على أربع سنوات في الدوحة، وقد شهدت تلك الفترة تقدما كبيرا وبوتيرة ملحوظة في سوق العمل، وهو ما كان محل احتفاء بتلك الإنجازات التي تحققت وما زالت تتحقق وستكون بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 فرصة أيضا للاحتفاء بهذه الإنجازات، لافتة إلى أن دولة قطر لم تتوان في تحقيق الإصلاحات في سوق العمل حيث استمرت في ذلك حتى في أحلك الظروف التي شهدها العالم خلال جائحة /كوفيد-19/، حيث تواصلت مسيرة الإصلاحات سواء المتعلقة بنظام الكفالة أو بالسلامة والصحة المهنية والأجور، وكذلك بعاملات وعمال المنازل، والمحاكم العمالية وصوت العمال وغيرها.

وأشارت سعادة الدكتورة ربا جرادات، إلى أن هناك تطورات رئيسية من حيث القوانين والسياسات الجديدة، والتطورات الهامة من حيث قدرة المؤسسات على ضمان تطبيق أكثر فعالية لهذه القوانين والسياسات، وزيادة الشراكات مع عدد كبير من أصحاب المصلحة، لا سيما ممثلي العمال وأصحاب العمل، موضحة أن أحد الإنجازات الرئيسية في مجال اصلاح سوق العمل في قطر كان حتى الآن هو قدرة العمال على تغيير وظائفهم دون موافقة مسبقة من أصحاب العمل، مما سمح بقدر أكبر من تنقل العمالة في البلاد، وقد أدى ذلك إلى تحسين ظروف العمال، حيث استفادت الشركات أيضًا من القدرة على توظيف العمال محليًا، وإيجاد عمال يتناسبون بشكل أفضل مع احتياجاتهم، وفي المقابل يستفيد الاقتصاد القطري من الاحتفاظ بالمهارات والخبرات داخل الدولة.

وشددت المدير الإقليمي للدول العربية بمنظمة العمل الدولية، على أنه من المهم بمكان أن تتوافق الإصلاحات الحاصلة إلى حد كبير مع رؤية قطر الوطنية 2030 ، والتي تهدف إلى بناء اقتصاد أكثر تنافسية وتنوعًا، قائم على المعرفة حيث سيسمح سوق العمل الأكثر جاذبية في قطر بالتنافس عالميا على استقطاب المواهب والاستثمار، منوهة أيضا بازدهار الحوار الاجتماعي والتعاون في مكان العمل على مستوى المؤسسة، حيث إنه ولأول مرة في المنطقة، أصبحت هناك لجان مشتركة مع ممثلين منتخبين للعمال الأجانب لمناقشة قضايا مكان العمل مع أصحاب العمل، وقد أثبتت أنها جيدة للعمال ولأصحاب العمل، لأنه يتم حل المشكلات قبل تصاعدها ما يساهم في أيجاد أماكن عمل أكثر استقرارًا وإنتاجية.

وعلى صعيد الاتفاق الموقع بين دولة قطر ومنظمة العمل الدولية في 2017، قالت سعادة الدكتورة ربا جرادات، في تصريحها لـ/قنا/، إن التقييم الذي أجرته المنظمة الدولية للمرحلة الأولى للتعاون الفني بين دولة قطر والمنظمة للفترة 2017 / 2021 ، كان إيجابيا جدا، وتم إطلاق نتائجه بشكل رسمي بحضور جميع الشركاء وأصحاب المصلحة المعنيين الذين عبروا عن سعادتهم بالنتائج والإنجازات التي حققتها دولة قطر على هذا الصعيد، واصفة النتائج التي تحققت في المرحلة الأولى بـ"النادرة"، حيث قالت في هذا السياق "إن منظمة العمل الدولية تعمل في أكثر من 140 دولة حول العالم، ومن النادر رؤية تغيير يحدث بهذه الوتيرة".

وأوضحت المدير الإقليمي للدول العربية بمنظمة العمل الدولية، أن المرحلة الأولى أحدثت تغييرات جوهرية على المستوى التشريعي، ففي السنة الأولى بعد إدخال هذه الإصلاحات، قام أكثر من 240 ألف عامل بتغيير أصحاب العمل، وهي نسبة كبيرة من القوى العاملة، لافتة إلى أن الأهم من ذلك أن هذا قد غيّر الديناميكية بين العمال وأصحاب العمل، وعلاوة على ذلك ، ومنذ أن تم وضع الحد الأدنى للأجور، شهد أكثر من 280 ألف عامل (أي 13 بالمئة من القوى العاملة) زيادة في أجورهم.

وذكرت سعادتها، لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أنه فيما يتعلق بالمرحلة الثاني من اتفاقية التعاون الفني، هناك توصيات شملها تقييم المرحلة الأولى سيتم العمل عليها خلال المرحلة الثانية التي بدأت فعلا، والتي تركز على تنفيذ أجندة إصلاح العمل من خلال تعزيز المؤسسات المختلفة لإدارة العمل.

كما أكدت سعادة الدكتورة ربا جرادات، على أهمية الاستفادة من التجربة الناجحة للإصلاحات في سوق العمل القطري وتعميمها على دول أخرى في المنطقة، إذ إن هناك العديد من الممارسات الجيدة التي تم اتباعها في قطر والتي يمكن مشاركتها مع دول أخرى في المنطقة وخارجها مثل وضع حد أدنى غير تمييزي للأجور، والذي يتضمن عتبات دنيا للطعام والسكن، بينما يعزز التشريع الخاص بالإجهاد الحراري حماية العمال من أحد المخاطر المهنية الرئيسية في قطر، وهو خطر سيواجهه المزيد من العمال في مناطق أخرى حول العالم مع التغيّر المناخي.

وتحدثت المديرة الإقليمية لمنظمة العمل الدولية عن التعاون المستقبلي بين المنظمة ودولة قطر، حيث أكدت الرغبة في مواصلة التعاون على المدى الطويل بين الطرفين من خلال المكتب الإقليمي للدول العربية، وكشفت عن مناقشات تجرى بين الجانبين في صيغة لتأسيس تعاون طويل الأمد في مجالات أوسع من نطاق عمل المشروع الحالي.

من جهة أخرى، تحدثت سعادة الدكتورة ربا جرادات، عن الدعم الذي يقدمه المكتب الإقليمي لمنظمة العمل الدولية للبلدان العربية، موضحة أن المنظمة وسعت وعمقت مشاركتها مع الحكومة وأصحاب العمل والعمال في الدول العربية، ويعمل مكتبها الإقليمي للدول العربية في 12 دولة عربية في آسيا على تعزيز العدالة الاجتماعية وفرص العمل اللائق من خلال منشآت مستدامة، وزيادة الإنتاجية والنمو مع المساواة، قائلة إن ذلك تحقق من خلال عدة مبادرات ومشاريع أغلبها في إطار "البرامج الوطنية للعمل اللائق" حيث تتبع المنظمة منهجا شاملا وتشاركيا في إعداد هذه البرامج، ويتم الاتفاق على المشاريع مع الشركاء الثلاثيين (أي مع الحكومات ومع منظمات العمال ومنظمات أصحاب العمل) في كل دولة، بما يتماشى مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ومع استراتيجيات التنمية الوطنية في كل بلد.

ولفتت سعادتها، في تصريحها لـ/قنا/، إلى أن منظمة العمل الدولية تدعم الحكومات والعمال وأصحاب العمل في المنطقة في مجالات عدة أهمها معايير وحقوق العمل واتفاقيات وتوصيات منظمة العمل الدولية، والحوار الاجتماعي، والحماية الاجتماعية، والسلامة والصحة المهنية، والتشغيل وخلق فرص العمل اللائق، وتطوير المنشآت، والتشريعات، وأنظمة العمل، وسياسيات العمل، والعمالة الوافدة، والمساواة بين الجنسين وعدم التمييز، وعمل الأطفال، والمهارات وأنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني، وغيرها.

ومن جهة أخرى، شددت المدير الإقليمي للدول العربية بمنظمة العمل الدولية، على أن الأزمات المتتالية التي شهدتها بعض دول المنطقة العربية أكدت على أهمية توفير فرص عمل كافية لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكان المتضررين وأيضاً للتقدم نحو التنمية طويلة الأجل والاستقرار الاجتماعي، موضحة أن منظمة العمل الدولية تتعاون في هذا الخصوص مع الدول التي تشهد أزمات ونزاعات وكذلك مع الدول المجاورة لها، ومع شركاء التنمية والدول المانحة، لزيادة الفرص الاقتصادية في هذه الدول وخلق فرص العمل فيها من خلال تشجيع خطط عمل وطنية غنية بالوظائف وتقوم على مبادئ العمل اللائق.

وقالت إن المنطقة العربية شأنها شأن المناطق الأخرى في العالم بأسره، تأثرت بشكل جوهري جراء جائحة /كوفيد-19/ على مدى العامين المنصرمين، ولكن بالرغم من ذلك، استمر التعاون فيما بين المنظمة والدول العربية وبالأخص بالنشاطات التي تهدف للاستجابة لتحديات الجائحة، وقد تحققت انجازات عديدة خلال هذه الأيام الصعبة للتخفيف من آثار انتشار الفيروس والاغلاقات على حياة الناس اليومية، موضحة أن المنظمة قدمت، في العامين الماضيين، الدعم للدول الأعضاء من منطقة الدول العربية أكثر من 100 مشروع للتعاون الإنمائي، من خلال البرامج الوطنية للعمل اللائق وضمن إطار الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة.

وذكرت سعادة الدكتورة ربا جرادات المدير الإقليمي للدول العربية بمنظمة العمل الدولية، في ختام تصريحها لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن منظمة العمل الدولية، وبعد احتفالها بالذكرى المئوية لتأسيسها في عام 2019، تركز برامجها اليوم في الدول العربية على الفرص والتحديات التي يثيرها القرن الثاني من عملها، من خلال مبادرة مستقبل العمل، وتحديدا إعلان المئوية لمستقبل العمل، الذي يدعو إلى اعتماد "نهج محوره الإنسان" لزيادة الاستثمار في قدرات البشر، ومؤسسات العمل، وفي العمل اللائق والمستدام.

/قنا/