نيويورك في 18 سبتمبر /قنا/ نوه السيد أكيم ستاينر المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالشراكة الاستراتيجية الوثيقة مع دولة قطر، مشيدا أيضا بدورها الرائد في تمويل مشاريع البرنامج وتعزيز جهوده للحد من الفقر على مستوى العالم وتحقيق التنمية والاستثمار في المستقبل.
ولفت ستاينر في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/ إلى أن دولة قطر تشارك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تقديم الدعم لـ170 دولة حول العالم من خلال صندوق قطر للتنمية على وجه الخصوص، مبينا أن انخراطها في جهود التنمية المستدامة، أتاح الفرصة لتجاوز عوائق تمويل عدة مشاريع.
من جهة أخرى، وصف المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الشراكة الاستراتيجية القائمة بين دولة قطر وألمانيا والبرنامج الإنمائي بأنها فريدة من نوعها، كونها أثمرت في أقل من ثلاث سنوات عن تطوير "مختبرات التسريع الإنمائية" المعنية بتعزيز الابتكار ومواكبة التغيرات التكنولوجية في 91 دولة حول العالم من مجموع 115 دولة.
وقال ستاينر في هذا السياق "لدينا شراكة مهمة مع صندوق قطر للتنمية تتمثل في تطوير مختبرات التسريع الإنمائي، والتي تستخدمها عدة دول في مجال صناعة الفكر الإبداعي وخير مثال على ذلك لبنان وفيتنام والقارة الإفريقية".
وفيما يتعلق، بالوضع الإنساني في أفغانستان، أكد ستاينر، أن دولة قطر تعمل مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على مدى سنوات عديدة في دعم الاستجابة الإنسانية في هذا البلد، مشيرا إلى أهمية مشاركتها في البرنامج المعني بتطوير المجتمعات وتعزيز صمودهم في ظل الصعوبات الاقتصادية التي يعيشها الأفغانيون.
وشدد المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في هذا السياق على أن التنمية هي الحل الوحيد للخروج من الوضع الاقتصادي والسياسي المتعثر الذي تعيشه أفغانستان، لافتا إلى أن حوالي 90 بالمئة من السكان الأفغان يعيشون تحت خط الفقر بنهاية العام 2022.
وحول الخطة الإستراتيجية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال الفترة من 2022 - 2025، أوضح ستاينر، أن تركيز البرنامج سينصب على الاستثمار في مجال التنمية المستدامة وكذلك إدارة الأزمات الراهنة التي يعيشها العالم على غرار أزمة الغذاء والطاقة والتغير المناخي فضلا عن آثار وتداعيات جائحة فيروس كورونا /كوفيد-19/.
ورأى المسؤول الأممي أن إيجاد الحلول الفعالة لعدد كبير من الأزمات مرهون بالاعتراف بها بما في ذلك مشكلة التغير المناخي التي أثرت على الزراعة والطاقة والنقل وفرص التنمية بشكل عام، قائلا "نحن نعيش أوقات عصيبة وهذا هو التحدي الذي يجب علينا معالجته من أجل المضي قدما".
وفيما يتعلق بعمل البرنامج الإنمائي في أوكرانيا ومدى تأثره بالحرب هناك، أوضح السيد أكيم ستاينر المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن البرنامج اضطر لتغيير عمله هناك بعد أن كان مركزا على أولويات التنمية ولكنه أصبح يتعامل مع أزمة النازحين الذين فقدوا مسكنهم ووظائفهم إلى جانب مساعدة الحكومة في برامج إعادة الإعمار في البلاد والاستثمار في المجال الرقمي ومساعدة الأشخاص لإيجاد وظائف وإقامة مشاريع صغيرة.
واعتبر أن مسألة إعادة النازحين في أوكرانيا إلى مناطقهم، تواجه العديد من التحديات بسبب الذخائر والأسلحة غير المتفجرة الأمر الذي يتطلب جهودا لإزالتها، منبها في الوقت نفسه إلى أن مسألة الدعم الدولي المقدم من الحكومات إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، باتت تواجه صعوبات بسبب معاناة بعض الدول من ارتفاع الديون، وأسعار الوقود والغذاء.
وحول جائحة فيروس كورونا، وجهود برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمنع انتشارها مستقبلا، أكد المسؤول الأممي أن العمل يجري حاليا لحل مشكلة عدم المساواة في توزيع اللقاحات خصوصا في البلدان الأقل نموا، وكذلك معالجة هشاشة الأنظمة الصحية والبنى التحتية التابعة لها تحسبا للجائحات المستقبلية، بالإضافة إلى التأكد من أن الدول تمتلك آليات الاستجابة والرد السريع.
وأشار ستاينر إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سارع في وضع تراخيص يمكن بها للحكومات عقد اجتماعات طارئة في حال وجود حالة إغلاق عام، بالإضافة إلى العمل من أجل حشد الموارد ورأس المال عبر إقامة شراكات دولية مع القطاع الخاص بما يعمل على تحسين قدرات الدول الأقل نموا للاستعداد بشكل أفضل وامتلاك وسائل الاستجابة لأي جائحة محتملة.
يذكر أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تم إنشاؤه من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1965 عبر دمج هيئتين أمميتين سابقتين هما: البرنامج الموسع للمساعدة التقنية للأمم المتحدة الذي أنشئ عام 1949، والصندوق الخاص للأمم المتحدة الذي أسس سنة 1958.
ويسعى البرنامج من خلال استراتيجيته، لانتشال 100 مليون شخص من الفقر متعدد الأبعاد، وتوفير طاقة نظيفة لأكثر من 500 مليون شخص، ودمج ما يصل إلى تريليون دولار في تمويل عام وخاص؛ من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقد دعم البرنامج الكثير من الدول لاعتماد وتنفيذ خطط أكثر طموحا للتخفيف من حدة التغير المناخي والتكيف معه، كما عمل مع شركاء منظومة الأمم المتحدة وغيرها للوفاء بالمتطلبات العاجلة والفورية وتمهيد السبيل نحو تحقيق السلام والتطور.
ويحصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تمويله من مجموعة متنوعة من الشركاء، مثل الدول الأعضاء والمنظمات متعددة الأطراف والكيانات غير الحكومية والقطاعين الخاص والخيري والمؤسسات التمويلية.
وقد تمكن البرنامج الإنمائي - بالتعاون مع شركاء أممين آخرين - من الاستجابة لتحديات وأزمات متعددة الأبعاد، حيث تمكن من المساعدة في تحقيق هدف منظمة الصحة العالمية بتوفير اللقاحات ضد فيروس كورونا لما لا يقل عن 70 بالمئة من سكان العالم في عام 2022.
وبتمويل منه نجحت أكثر من 70 دولة في استخدام أطر التمويل الوطنية في تمويل عملية تعافيها من جائحة كورونا، كما عمل البرنامج مع منظمة العمل الدولية لخلق ما لا يقل عن 400 مليون وظيفة، بالإضافة إلى العمل على مبادرات عالمية أخرى.
وقد شهد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي انخفاضا طفيفا في التمويل المقدم إليه العام الماضي (2021)، وانخفضت المساهمات السنوية بنسبة 4 بالمئة لتصل إلى 5.3 مليار دولار، نزولا من 5.5 مليار دولار في عام 2020. ومن هذا المجموع، كان 2 مليار دولار أو ما يعادل 38 بالمئة من شركاء متعددي الأطراف، و1.9 مليار دولار أو ما يعادل 36 بالمئة من حكومات الدول المانحة، و1.4 مليار دولار أو ما يعادل 26 بالمئة من حكومات الدول المستفيدة من البرامج.
ويركز البرنامج عمله في أربعة مجالات أساسية، تتمثل في الحد من الفقر وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية عن طريق دعم المشاريع والبرامج التنموية المحلية ومساعدة الحكومات على وضع سياسات اقتصادية واجتماعية، هذا إلى جانب تعزيز الحكامة الديمقراطية وتقديم المساعدة لمنظمات المجتمع المدني وتمويل مشاريعها الرامية إلى مكافحة الفساد وحماية حقوق المرأة والأقليات.
كما يركز البرنامج عمله على منع وقوع الأزمات والحد من المخاطر الطبيعية والكوارث ومساعدة البلدان المنكوبة على استعادة عافيتها، بالإضافة إلى حماية البيئة ودعم مشاريع التنمية المستدامة التي تهدف إلى محاربة التصحر والحفاظ على الغابات والمياه والتنوع الحيوي، بالإضافة إلى تخفيض انبعاثات الكربون والتكيف مع التغيرات المناخية.
ويعنى البرنامج أيضا بقضايا أخرى مثل حقوق الإنسان وتمكين المرأة والفئات الهشة في المجتمع، بالإضافة إلى محاربة داء فقدان المناعة المكتسب.