الدوحة في 20 نوفمبر /قنا/ بأرقام فاقت كل التوقعات نظمت دولة قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم "FIFA قطر 2022" في الفترة من 20 نوفمبر إلى 18 ديسمبر2022 ، كأول دولة في منطقة الشرق الأوسط تحتضن حدثا بحجم المونديال.
وعلى الرغم من أن الأمر كان يبدو حلما للجماهير العربية بأن تقام بطولة بحجم كأس العالم في أرض عربية، إلا أن قطر حولته إلى واقع وحقيقة وحدث فريد سيبقى خالدا في ذاكرة الرياضة العربية.
وأرسلت دولة قطر رسالة واضحة للعالم بأن المنطقة العربية غنية بالإبداع وثرية بشغف أبنائها بالرياضة بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة، وأكدت على ذلك عمليا بتنظيم أفضل نسخ بطولات كأس العالم في التاريخ وأكثرها تميزا وتعزيزا لنشر ثقافة اللعبة وتوسيع قاعدتها وفق احصائيات الاتحاد الدولي للعبة.
وشهدت بطولة كأس العالم إقامة 64 مباراة خلال شهر كامل من التنافس كانت تتحدث فيه المنطقة بلغة كرة القدم، وجرت المباريات على ثمانية ملاعب جديدة شيدت خصيصا للحدث الرياضي الكبير قبل عدة سنوات على موعد انطلاقه، وكان أولها استاد خليفة الدولي، ثم استاد الجنوب، ثم استاد المدينة التعليمية، ثم استاد الريان، ثم استاد الثمامة، وملعب 974 ثم استاد البيت ثم استاد لوسيل.
وشكلت الملاعب الثمانية تحفا معمارية لامست بها قطر آفاق الإبداع الهندسي منذ أن كانت مجسمات لحظة تقديم الملف في العام 2009، ثم تحولت إلى واقع قبل أن تستقبل جماهير العالم في مثل هذه الأيام من السنة الماضية وتنال استحسان الجميع وتتصدر صورها الصحافة في أوروبا وأمريكا الجنوبية وإفريقيا وآسيا كتحف معمارية تعبر عن هوية قطرية ورمزية عربية.
وأوفت قطر بوعودها للعالم بتنظيم نسخة تاريخية تتحقق فيها أهداف ومبادئ الاتحاد الدولي للعبة، في اتخاذ كرة القدم جسرا للتواصل بين الشعوب ومشاركة محبي اللعبة شغفهم المتواصل بالمباريات واللاعبين وتقاسم لحظاتها بكل ما فيها من مشاعر فرح.
وبرعت الدولة في إخراج أكبر الأحداث الرياضية في ثوب باهر الجمال من حيث التنظيم والتخطيط والعناية بالمشجعين، وتلبية كل المتطلبات التي تتيح لجماهير الكرة العالمية مشاهدة ممتعة للعبة بدءا من الحصول على إذن الوصول للدولة والتنقل بين الملاعب ثم ارتيادها بكل سلاسة والخروج منها بكل أمان وسهولة ودونما معاناة لمختلف الفئات العمرية.
واستخدمت دولة قطر أحدث أساليب التنظيم في حركة المشجعين من وإلى الملاعب عبر أرقى وسائل النقل /مترو الدوحة/ كما وظفت كل قدرات الدولة لخدمة الحدث ومرتادي الملاعب من جماهير ومحبين للعبة من كل فئات المجتمعات، وأنفذت لهم القوانين التي تبيح لهم التشجيع والتعبير عن حبهم لمنتخباتهم وطرح ثقافاتهم دون اعتراض أو تحد للمشاعر والثقافات.
وتميز المونديال في قطر بعدم تسجيل حالات شغب ومواجهات جماهيرية مقارنة بكؤوس عالم ومسابقات أوروبية سابقة شهدت الكثير من حالات العنف بين مشجعي الفرق المتنافسة، والكثير من السلوكيات الخارجة عن الروح الرياضية، وذلك بفضل الضبط التنظيمي العالي لفعاليات البطولة وتخصيص مناطق خاصة لمشجعي كل منتخب بالإضافة إلى منطقة عامة لجميع المشجعين لتأخذ البطولة شكلا تنافسيا راقيا بين المشجعين ومحبي المنتخبات المختلفة، بخدمة سريعة ممتازة يقوم بها المتطوعون في البطولة والذين تلقوا أفضل أساليب التدريب في التعامل مع المشجعين وتقديم الخدمات لهم.
وبصمت قطر على التنظيم بوضع الموروثات الثقافية والعادات والتقاليد القطرية التي تحفظ للمرأة حريتها في التفاعل مع الرياضة وتضعها في أعلى مراتب التقدير والاحترام وتشعرها بالارتياح عند ارتياد الملاعب ومتابعة البطولة، فمضت البطولة دون أن تتعرض المرأة لأي نوع من المضايقات في الملاعب، كأفضل مونديال يلائم النساء والأسر.
وأظهرت صور المباريات التي وثقتها ملفات الاتحاد الدولي لكرة القدم "FIFA" وعدسات التلفزة الدولية، حضورا لافتا للمشجعات والأسر من كل دول العالم، كما تابع الملايين عبر الشاشات الحضور الكبير في مدرجات الملاعب لعائلات اللاعبين من كل منتخبات العالم، كما ظهر في مباريات المنتخب المغربي احتفال اللاعبين مع عائلاتهم وعرفت أرضية الملعب لأول مرة ظهور الأمهات، مما يعد تقديرا وتكريما للأم والفخر بمكانتها في قلوب الرياضيين، حيث لم تشهد أي نسخة في بطولات كأس العالم ظهور والدة أي من اللاعبين في أرضية الملعب.
وبالإضافة إلى ظهور عائلات لاعبي الأرجنتين وأبنائهم في أرض الملعب للاحتفال بالتتويج في ختام المشهد، فإنهم يحتفلون بالتتويج باللقب الثالث في تاريخ بلادهم، في ظاهرة إيجابية تضع مونديال قطر في توصيف جديد يمنحه صفة احترام وتقدير العالم على مر الأزمان.
وعرفت قطر العالم على ثقافة جديدة في تنظيم الأحداث تتمثل في الضبط العالي من ناحية السلامة والأمن والأمان للبطولات، واستخدام التكنولوجيا لخدمة الرياضة والتعامل مع الحدث في بيئة صحية مع خدمات طبية بكامل الجودة، بفضل الوحدات الطبية الإسعافية المتنقلة في كل الملاعب تحسبا لأي حالة وهو ما لم يكن يطبق في السابق.
وطبقا لتجارب مشجعين ومشجعات من مختلف دول العالم فإن المونديال في قطر كان يحمل طابعا مختلفا، تعرف من خلاله الجمهور على المنطقة العربية، وما تزخر به من تنوع وتلاقي في الكثير من الموروثات والتي نالت استحسان الجماهير، مما وثق لها الاتحاد الدولي كنوع من أبلغ رسائل السلام والتعايش الذي يقرب المسافات بين الشعوب، ويعطي طابعا مميزا يعزز من قيمة التواجد في دولة قطر.
ولم تترك قطر الجانب الإنساني ورسمت حوار الشرق والغرب في افتتاح المونديال من خلال عدة رسائل، من خيمة استاد البيت التي نقلت صورة زاهية للمجتمع العربي وكيف يحتضن العالم مع تعريف دقيق بقيمة التعايش والسلام، بالإضافة إلى الترحيب الكبير لأهل قطر بكل ألوان الطيف العالمي في الملاعب.
وقدمت النسخة الثانية والعشرون من بطولات كأس العالم تجربة جديدة للمشجعين يصعب تكرارها، بالسماح لمن يرغب في متابعة أكثر من مباراة في اليوم الواحد وهو ما لم يتوفر في السابق، وساعد في ذلك قرب الملاعب من بعضها وسهولة الوصول إليها والتنقل منها، مما سمح للجمهور بتجربة فريدة من نوعها.
وراعت التجربة القطرية جميع فئات المجتمع في الملاعب، بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة ومحدودو السمع والمكفوفون، فخصصت لهم أحدث الوسائل لمتابعة المباريات بكل شغف ودونما معاناة.
وطبق الاتحاد الدولي في نسخة قطر أحدث التقنيات لمحاربة العنصرية وحماية اللاعبين من أي إساءات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بإطلاق تطبيق خاص يمكن الاتحاد الدولي من متابعة الآراء التي تكتب عقب وقبل كل مباراة، وذلك لحماية الرياضيين.
ورغم تخوف العالم من فكرة نقل البطولة إلى منطقة عربية إلا أن قطر نظمت نسخة ناجحة فاقت كل التوقعات، وليس أبلغ دليل من حديث نجم الكرة البرازيلية المتوج بكأس العالم في كوريا واليابان روبيرتو كارلو لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ في وقت سابق عن الضغط الذي ستسببه قطر على الدول التي ستعقبها في تنظيم المونديال.