الدوحة في 20 سبتمبر /قنا/ تولي دولة قطر اهتماما كبيرا بالتصدي لظاهرة التغير المناخي، وتؤكد على ذلك من خلال تنفيذ العديد من المشاريع والمبادرات التي تساهم في الجهود المبذولة لخفض الملوثات الهوائية وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
وتقوم دولة قطر، ممثلة بوزارة البلدية والبيئة، بدور كبير في مجال التعاون مع المنظمات والهيئات الدولية المعنية بشؤون البيئة والتغير المناخي، وتعد من أوائل الدول التي انضمت لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 1996، وبرتوكول كيوتو في عام 2005، واتفاق باريس في عام 2016، مع التصديق على الاتفاق في عام 2017، فضلا عن استضافتها مؤتمر الأطراف الثامن عشر للتغير المناخي "COP18 " عام 2012، والذي يعتبر أحد محطات المفاوضات العالمية للتغير المناخي التي ساهمت في الوصول لاتفاق باريس.
ومن أبرز جهود قطر في مجال التغير المناخي، مشروع استخدام الغاز الطبيعي المضغوط كوقود في قطاع النقل، ويهدف إلى تطوير الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) كوقود بديل، خاصة في تطبيقات النقل العام في قطر، وسيوفر هذا المشروع زيادة أمن إمدادات الوقود وتطوير شبكة توزيع الغاز المحلية في الدولة، علاوة على إن استخدام الغاز الطبيعي المضغوط سيمكن من تقليل انبعاثات غازات الدفيئة.
كما يعد مطار حمد الدولي أول مطار في المنطقة يحقق المستوى الثالث من مستويات "التحسين" في برنامج اعتماد الانبعاثات الكربونية للمطارات ، الذي يشرف عليه مجلس المطارات العالمي، ويقر هذا الاعتماد التزام مطار حمد الدولي بالتصدي للتغير المناخي عبر الاستمرار في قياس انبعاثات الكربون في المطار، وتنفيذ برنامج لخفض الطاقة على مستوى المطار وإشراك أصحاب المصلحة لقياس وإدارة الانبعاثات المرتبطة بالمطار.
وفي سياق متصل، يهدف مشروع حقن غاز "CO2" في الأرض لتحسين استخلاص النفط لالتقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وضخها في خزانات لتعزيز استرداد النفط، بدلاً من انبعاثها إلى البيئة.
ويمثل إطلاق دولة قطر مشروع إنشاء محطة للطاقة الشمسية كذلك خطوة مهمة على طريق تنويع مصادر إنتاج الدولة من الطاقة الكهربائية، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، علما بأن إطلاق مشروع تشغيل الحافلات الكهربائية جاء أيضا تعزيزاً للنقل المستدام في الدولة وربطه بما يحقق التكامل مع مشروع مترو الدوحة ، في إطار الجهود المبذولة لخفض الملوثات الهوائية المنبعثة من وسائل النقل.
إلى ذلك تم تخطيط البنية التحتية في ميناء حمد، أحد أكبر الموانئ في الشرق الأوسط، لمواجهة آثار التغير المناخي، كارتفاع مستوى سطح البحر المتوقع (وفقاً لتقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي IPCC) والظروف المناخية، وقد تم في هذا الصدد إعادة استخدام نواتج حفر الميناء الصخرية لرفع مستوى سطح الأرض لمرافئ الميناء المستقبلية وبالتالي ضمان مرونة الميناء أمام ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل.
وجاء مشروع استصلاح وإعادة استخدام غاز حقل نفط الشاهين كمشروع لآلية التنمية النظيفة (CDM) منذ عام 2007، في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، حيث تم إنشاء آليات لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة على المستوى الدولي. ويهدف المشروع إلى الحد من احتراق الغاز المصاحب وبالتالي خفض انبعاثات الغازات الدفيئة.
كما يعتبر مرفق استرجاع الغاز المتبخر أثناء الشحن، الذي بدأ تشغيله في الربع الأخير من عام 2014، من المشاريع البيئية الكبيرة من نوعها في دولة قطر، كونه يجمع الغاز المتبخر من ناقلات الغاز الطبيعي المسال ويضغطه في مرفق مركزي، ليتم ارسال الغاز المضغوط إلى منتجي الغاز الطبيعي المسال، بحيث يتم استهلاكه في صورة وقود أو تحويله مرة أخرى إلى غاز طبيعي مسال، وبالتالي يؤدي إلى الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 2.5 مليون طن سنوياً، وهو ما يساهم في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ومن بين جهود دولة قطر أيضاً في مجال التغير المناخي، تدشين محطة أم الحول للطاقة، وهى أكبر محطة للطاقة في الشرق الأوسط، وتتميز بارتفاع كفاءة الانتاج، واستخدامها لأفضل التقنيات الصديقة للبيئة في مجال تحلية المياه، وكذا استخدام وقود الغاز الطبيعي النظيف لخفض الانبعاثات.
على صعيد متصل، وفيما يعنى بجهود التصدي لظاهرة التغير المناخي، أطلقت وزارة البلدية والبيئة مبادرة "مليون شجرة"، وهى مبادرة اجتماعية تهدف إلى تعزيز الاستدامة البيئية، وتنطوي على فوائد كثيرة تتمثل في التكيف مع الآثار المتوقعة لظاهرة التغير المناخي وخفض للانبعاثات وتحسين جودة الهواء.
وفي مجال الرصد والمختبر البيئي، تم الانتهاء من مسودة "تقرير حالة البيئة لدولة قطر".. ويعتبر هذا التقرير البيئي، الأهم دولياً، وهو بمثابة التقييم للجوانب البيئية المختلفة التي تشمل جودة الهواء، والبيئة البحرية وغيرها، علما أن منهجية التقرير استندت على الإطار المتبع لدي برنامج الأمم المتحدة للبيئة" UNEP".
كما تم في هذا الخصوص إنشاء "شبكة وطنية للرصد المستمر لجودة الهواء لدولة قطر"، حيث تم ربط (18) محطة بالشبكة الوطنية للرصد المستمر لجودة الهواء المحيط بالدولة، وكذلك تطوير وتحديث (4) محطات رصد جودة الهواء بأحدث المعدات العالمية ، بالإضافة الى تطوير برنامج رصد حالة البيئة البحرية ورصد التربة.
وتولي دولة قطر اهتماماً كبيراً بالتعاون مع الجهات الخارجية ، بما فيها التعاون الثنائي والدولي ، للاستفادة من الخبراء من حيث إعداد جملة من ورش العمل وبناء القدرات على المستوى المحلي والخليجي وذلك عبر التعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
ودولة قطر هي أيضا عضو في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) التي تدعم البلدان في جهود انتقالها نحو مستقبل الطاقة المستدامة ، كما أن قطر عضو مؤسس كذلك في المعهد العالمي للنمو الأخضر "GGGI " الذي يساعد البلدان النامية على اتباع استراتيجيات تنمية مبنية على أسس الاستدامة.
يأتي اهتمام دولة قطر بقضية التغير المناخي تماشيا مع رؤيتها الوطنية 2030 ، التي أبرزت الركيزة البيئية فيها قضية التغير المناخي ، وضرورة القيام بدور إقليمي مبادر وبارز في مجال تقييم و تخفيف الآثار السلبية له ، ودعم الجهود الدولية في هذا المجال، و المساهمة أيضا في خطة استراتيجية التنمية الوطنية الأولى والثانية لرؤية قطر 2030 بإدراج موضوع التغير المناخي والتنمية المستدامة.